مدونة خواطرنا

مصر : ماذا بعد السيسي ؟

| | | 0تعليقات

مهما ضخ الخليج من أموال، ومهما دعم النظام الدولي، فبالوعة الفساد لن تترك شيئا للشعب ليرفع من سوية معيشتهم. وثقتنا في السيسي عالية ! أنه سيسحق شعبه وينهب ثرواته كما كان سلفه (مبارك) وأكثر. وحينئذ، سيدرك الناس أنهم خدعوا. 

ماذا سيحصل بعدها؟ المتوقع –والله أعلم- أحد احتمالين: 
الأول: أن يرضخ الناس للأمر الواقع يأسا من الإصلاح وخوفا من الدخول في دوامة فوضى جديدة، ويبقى الحال على ذلك عشرات السنوات. 
الثاني: أن يثور الناس من جديد، وهو الأمر الذي يعول عليه كثير من معارضي العسكر. 
لكن ما أحب التأكيد عليه هنا هو أن هذه الثورة الجديدة المحتملة لا تعني أن الناس سيلجأون إلى "الإسلاميين" التقليديين ليقودوا الركب من جديد. والذي لا زال يأمل أن فساد السيسي سيحشد الناس لاستعادة "الرئيس الشرعي المنتخب" فهو واهم. وإن بقيت هذه هي مطالبات معارضي العسكر فإن أية ثورة جديدة ستتجاوزهم ولن تلتفت إليهم.

سيدرك الناس يوما، والله أعلم، أن المطلوب ليس تغيير من يقود القطار السائر على سكة مرسومة مسبقا، بل تغيير السكة ذاتها مهما كلف ذلك من تضحيات. وأي مطلب دون هذا السقف فسيبدو اجترارا للفشل. 

على أصحاب الدعوة الإسلامية بمصر أن يلتحموا بشعبهم من جديد ويتخذوا من المآسي التي سيعيشها الشعب في حكم السيسي دليلا -لا على ضرورة العودة إلى "الشرعية" والمسار "الديمقراطي"- بل على أن السبيل الأوحد لسعادة الدنيا والآخرة هو التحرر من المنظومة الدولية وقواعد لعبتها والتضحية في سبيل الله ليعيش الناس بكرامة في ظل شريعة، لا لتحقيق مكاسب دنيوية محدودة أو استرداد حقوق جزئية، وأن أية ثورة أو نصف ثورة تقبل بأقل من هذه الأهداف فإنها لن تعود إلا بالوبال. 

الباطل هو الذي يعيش على الجيف لينتفش سريعا، أما شجرة الحق فلا تنمو إلا بتربة نقية...ببطء، لكن بجذور راسخة. لذا، فالحق الذي ننشده لمصر لا يمكن أن يعتمد على فساد السيسي وافتضاح أمره فحسب، بل لا بد أن يكون قويا صحيحا في ذاته. لا بد من أن يرتب أصحاب الهم أوراقهم على هذا الأساس في الفترة القادمة، لا أن يظنوا في سقوط غيرهم سببا كافيا لصعودهم. 
والله تعالى أعلم.

..الدكتور إياد قنيبي..


هل أعجبك الموضوع ؟

ضع تعليقا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة ©2013