مدونة خواطرنا

سيكولوجية الطاغية : دراسة موجزة

| | | 0تعليقات


لعل استلام السلطة و الوصاية على جماعة أو شعب ما هي من أعظم و أسمى المسؤوليات التي يتحملها الإنسان، كيف لا و الجماعة لا يمكن أن تعيش و تتعايش في أمن و أمان من دون نظام و لا أظن أن هناك نظام من دون سلطة تفرضه عبر قوانينها و تشريعاتها.و من هنا انقسم أصحاب السلط بين من أحسن استخدام السلطة لخدمة الجماعة و بين من أحسن استغلالها لخدمة نفسه و مصلحته وقمع الجماعة تحت مسمى فرض النظام : إنه الطاغية.
لم نعد الآن بحاجة لدراسة أكاديمية أو عمل بحث شامل حتى يتسنى لنا دراسة شخصية الطاغية و العوامل المتحكمة فيها ، فالأمثلة واضحة أمام كل واحد منا على أرض الواقع و لم تعد تخفى إلا على العُمي والسُّدَّج.
أولاً فلنعترف أن الشعوب هي من تصنع طواغيتها في البداية ، حتى إذا تعملق الطاغية و أرسى جدوره انقلب على شعبه الذي "فاته القطار" كما قال اليمني و لم يعد بإمكانه سوى الإنصياع لطاغيته و خدمته.و هذا جل ما يتمنى المستبد ، فلا أصوات تنتقده و إلا فإن مصيرها السجن أو القتل لأن هذا الطاغية يعتقد في نفسه أنه يعلم كل شيء و أعطى لنفسه صفات القدسية.كما أنه لا يتحمل من يعارضه في شيء و دليلنا في هذا أن كل المعارضين المعاصرين للطغاة هم إما منفيين أو مسجونين أو مقتولين ، و لكل طاغية مجندين و حاشية منتفعة من وصوله للحكم هم الذين يبررون للشعب أفعال هذا الطاغية و تزين لهم أفعاله فيحترفون الرشوة و الوشاية حتى يصدق الشعب المسكين المكذوب عليه أن طاغيته هو الضامن الوحيد لإستقراره و وحدته و تقدمه تماما كما يقوم الآن طاغية مصر العسكري بقتل الناس في شبه جزيرة سيناء بحجة محاربة الإرهابيين و التكفيريين.
كما أن معظم هؤلاء الطواغيت مصابون بأمراض نفسية كجنون العظمة فيصور نفسه في ذات عليا فوق كل ذات و يعتقد أنه القائد المختار و له الحق في فعل كل شيء خارج إطار السياق العام ، و هذا ما ولد لديه مع مرور الوقت شخصيبة سيكوباتية مستهينة بالمجتمع لا تحترم القوانين و لا الأعراف هدفها تحقيق أكبر قدر من اللذة حتى و لو كان على حساب آلام و مآسي الآخرين.
كما أن الطاغية ما يميل إلى الغدر و الحسد و الظلم و لا يثق بأحد حتى أقرب الناس إليه من حاشيته و خدمه و لا عجب في هذا فالنفس الفقيرة للطاغية دائما ما تميل إلى الرذيلة و الإفساد فهو ذائما يعيش خارج مظلة القانون و حياته كلها بلا قيم و لا مبادئ ، المبدأ عنده هو تحقيق اللذة و الرغبة.
و كل هذا منبثق من نزعة الأنا الجامحة داخل نفس الطاغية التي تولد لديه إحساسا بعدم الشعور بالذنب و عدم المسؤولية والقدرة على تقديم تبريرات واهية لما يقدم عليه.
و الحق يقال فوزر كبير من هذا تتحمله الشعوب التي جعلت من أصحاب السلطة المسؤولين عليها أناسا لا يُنتقدون و جعلت منهم رموزاً و زعماء و مازالوا يعيشون على ثقافة القطيع التي لا تليق بتاريخنا المشرق و التغيير واجب على كل واحد منا حتى نمتثل لقول الله عز و جل : "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".


هل أعجبك الموضوع ؟

ضع تعليقا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة ©2013